Only yesterday مراجعة فلم






على الرغم من أن الترجمة الإنجليزية للعنوان هي "Only Yesterday"، فإن النص الأصلي يعني " ذرف دموع الذكريات " والعنوان الياباني "Omoide Poro Poro" مليء بالمشاعر العاطفية للذكريات 

التصنيف : دراما ، رومانسي ، شريحة من الحياة

الفئة العمرية : 3+

الاستوديو : غيبلي

اخراج : ايساو تاكاهاتا


بعد النجاح الكبير الذي حققه في عام 1988 فيلم (قبر اليراعات)، عاد إلينا المخرج (إيساو تاكاهاتا) بعد ثلاث سنوات فقط بفيلم مثالي جديد يشترك معه في بعض جوانب الرؤية الفنية، ويختلف معه كلياً في المضمون، فإن كان كل من هذين الفيلمين يتميزان بالواقعية الشديدة في الرسم والتحريك والخلفيات الرسومية، إلا أن (مطر الذكريات) هو فيلم مسالم وهادئ إلى درجة كبيرة، وهو بعيد تماماً عن الأجواء المأساوية الحزينة للحروب والنيران والجثث المتفحمة ورائحة الموت التي تفوح في كل مكان.

 في عام 1982، تايكو شابة في السابعة والعشرين، غير متزوجة، عاشت حياتها في طوكيو، وتعمل الآن في إحدى الشركات. قررت أن تذهب في رحلة أخرى لزيارة عائلة زوج أختها في الريف لتساعد في حصاد زهرة القرطم وتبتعد عن حياة المدينة. 

وبينما كانت مسافرة على متن القطار المتجه إلى ياماغاتا، بدأت تستعيد الذكريات عن نفسها عندما كانت طالبة في عام 1966، ورغبتها الملحة في أن تسافر خلال العطلة مثل زملائها في المدرسة، الذين كان كلهم لديه أقارب خارج المدينة الكبيرة.

 والآن من حسن حظها أن واحدة من أخواتها الأكبر سناً قد تزوجت من عائلة ريفية، وقد أصبح لديها الآن أقارب تستطيع زيارتهم وفي محطة الوصول، تتفاجأ بأن أحد أقاربها، توشيو، هو من سيحملها بقية الطريق. وخلال إقامتها في ياماغاتا، تجد نفسها تزداد حنينا وشوقاً  لذاتها الطفلة، بينما في نفس الوقت تواجه قضايا الراشدين.

 كشفت رحلتها عن ذكريات منسية مثل الإثارة الأولى لحب الطفولة، وسنوات المراهقة، واحباطات الرياضيات والفتيان. ينتقل العزف بين الماضي والحاضر، وتسأل تايكو نفسها إن كانت صادقة مع أحلامها عندما كانت طفلة. وهي تفعل ذلك، تبدأ بملاحظة أن توشيو كان يساعدها على طول الطريق. 



وفي النهاية تواجه تايكو شخصيتها الحقيقية، وكيف نظرتها للعالم وللناس من حولها هذه هي قصة مطر الذكريات وهو يعد أحد أكثر الأعمال واقعية ومصداقية وأصالة ولعل ابرز الاسباب كونه اهتم بكل التفاصيل من صغيرها وكبيرها فلم يترك شيئا.

 قام بالتركيز على تصاميم الشخصيات ، تحركاتهم ، ملامحهم بدقة خيالية وكذلك ركز على  المدن ، الخلفيات ، وسائل النقل ،الملابس بشكل مثير للاهتمام ، في مطر الذكريات تم التركيز على جميع الشخصيات بدون استثناء وقد ركز على ارائهم وتفكيرهم بشكل كبير وبالتحديد قد ركز على حياة البطلة في صغرها وكبرها والشخصيات التي قابلتهم  حيث كان لغزاً ،كل شخصية هي قطعة من هذا اللغز وهذا اللغز يشكل لك صورة حياة الشخصية الرئيسية ، حيث خلق الفلم عالم يوتوبيا لا مثيل له، يُدخلك في أجواء الشخصيات والأحداث كأنك تعيش معهم.

 من المميزات الانتاجية العظيمة لهذا الفلم أنّ الصوت قد سُجّل قبل الفلم وليس بعده مما صنع تناسق زاد من واقعية الفلم بشكل كبير وهذا يدل على أنّ المخرج الراحل ايساو تاكاهاتا قد بذل مجهودًا ضخمًا بالعمل على هذه التحفة الفنية. سيناريو الحوار كُتبَ بجودةٍ عالية، حيث أنّ الكاتب بذلَ جهدًا كبيرًا في صناعته هذا الفلم احد قلائل الأفلام الإنسانية الصادقة، فلم مصنوع من القلب، الأصالة في كل شيء بتفاصيل لا تخرج الا من صميم التجربة والواقع.

 هذا الفلم يعد تعريفاً للحداثة والواقعية في عالم الكتابة حيث مهما حدث لن يصل عمل أنمي لهذا المستوى الفني من الواقعية ،لتصنع  عمل كهذا تحتاج للتجربة الحقيقية والتمعن والتركيز، قصة الأنمي قد تبدو بسيطة هي تتحدث عن فتاة تسافر لاحدى المناطق الريفية وتتذكر ذكريات طفولتها لكن ما ميز هذا الفلم هو كمية التفاصيل الموجودة التي جعلته بجودة اعلى بكثير من القصة الأساسية المبني عليها فلم فاق الحدود وصنع حدودًا جديدة في الجودة الكتابية والاخراجية.

حيث في هذا الفلم نقلنا ايساو تاكاهاتا الى صلب الذكريات بين الماضي والحاضر بإخراج عبقري يفصل مكنون الطفولة عبر ثنايا الأسرة اليابانية المحافظة.

من المميزات الاخرى لهذا العمل العظيم هي رسم التعابير وتصاميم الشخصيات  حيث تم العمل عليها بكل دقة ، دقة لا مثيل لها في عالم الانمي رغم مرور 27 سنة على نزوله، ومن مميزاته أيضاً  الموسيقى المستخدمة خلال الفيلم حيث كانت تظهر خلفيات متكررة -موسيقى فلكلورية من أوروبا الشرقية-، خاصة تلك التي تعكس نمط حياة الفلاحين ، الأغاني الفلكلورية تتكرر في الفيلم مثل "Frunzuliță Lemn Adus Cântec De Nuntă" (أغنية الزفاف رفرفة الأوراق الخضراء) وهي أغنية شعبية رومانية كتبها جورج زامفير، ويتكرر عرضها في مشاهد المزارع والمناظر الطبيعية. 

تظهر أيضا موسيقى مَجريّة (الرقصة المجريّة رقم 5) ليوهانس برامس في المشهد التي كانت تتناول فيه تايكو غداءها وهي تستشهد بموسيقيين مجريين حين كانت تتحدث لتوشيو في السيارة.
وقد ظهرت أغنية فلكلورية أخرى من بلغاريا استعرضت في الموسيقى التصويرية للفيلم. هي (ديلمانو ديلبيرو) وهي أنشودة شعبية للفلاحين البلغار تتحدث عن المحاصيل ، هذا الفيلم لم يفشل في صنع ابتسامة على وجهي خلال متابعتي له الفيلم كان فلما موجه للراشدين عقليا قبل الصغار ، ففي فترة كانت أعمال الاكشن وأعمال الأطفال هي المسيطرة جاء هذا الفيلم من بعيد ليكون نقلة في عالم الانمي وصناعته كبقية اعمال ايساو العظيمة، مثل ( ان في البراري الخضراء ) او ( قبر اليراعات ).

 إنّ الجودة في نقل الأحداث بين طفولة تايكو عام 1966 حيث كانت اليابان في أول أيام ازدهارها وانفتاحها نحو العالم، وشبابها عام 1982،حيث كانت تدرس.

من شدة جودتها وأصالتها  قام ايساو بتقديم جرعة حنين من الماضي تُدرس بكل تفاصيلها بصفته المؤرخ والإنساني،مكوّناً  عالم عذب في  قمة في الواقعية وهذا العمل جعله على قمة هرم الجودة والواقعية في عالم الانمي .

لا يكتفي الفلم بتصوير الماضي والحاضر حتى يدخل في صلب الريف والبشر هناك، حنين كبير للبساطة عبر كل الشخصيات و الممثلين  بأهل الريف ودماثة وصدق أخلاقهم.في النهاية يمكن القول أن هذا الفيلم  عمل لا يُفوت .

عمل حقق الكمال من الجوانب الفنيّة والكتابيّة، قد يكون عيبه ان بطيء قليلاً
للبعض، لكن نحن نتكلم عن دراما وعمل حياة يومية لذلك الهدوء والمشي ببطء يعتبر ملازم لمثل هذه الأعمال. ومن الجدير بالذكر أن الفيلم صُنف كأعظم عمل فني بالمناصفة مع عدد من الأعمال حسب النقاد في عدة مواقع  بتقييم 10/10


إلى هُنا فقد إنتهيت،شكراً لحسن القراءة أتمنى أن تتابعوا الفيلم،حقاً أخّاذ .


ليست هناك تعليقات